السبت، 31 يوليو 2010

فضل صلاة التهجد (القيام )


فضل قيام الليل
( التهجد )قال صل الله عليه وسلم: (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عُقدٍ، يضرب على مكان كل عقدة: عليك ليلٌ طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدةٌ، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدةٌ، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)

أولاً: الآيات الواردة في فضل قيام الليل:
1- قال تعال:

﴿وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبّهِمْ سُجَّداً وَقِيَـٰما﴾ [الفرقان:64] .
قال سعيد بن جبير: «يعني يصلون بالليل» (الدر المنثور (5/141).

وقال ابن جرير: والذين يبيتون لربهم يصلون لله، يراوحون بين سجودٍ في صلاتهم وقيام (جامع البيان (19/296).

وقال السيوطي: ينتصبون لله على أقدامهم، ويفترشون وجوههم سجداً لربهم، تجري دموعهم على خدودهم خوفاً من ربهم.

قال الحسن: لأمرٍ ما سهر ليلهم، ولأمر ما خشع نهارهم (الدر المنثور (5/142).

2- وقال تعال:

تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ [السجدة:16] .

قال الحسن: يعني قيام الليل(جامع البيان (20/180).

وقال مجاهد: يقومون يصلون من الليل (جامع البيان (20/180).

وقال ابن كثير: يعني بذلك قيام الليل، وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة (تفسير القرآن العظيم (3/467).

3- وقال تعال:

أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ءانَاء ٱلَّيْلِ سَـٰجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ [الزمر:9] ।
قال ابن عباس: من أحب أن يهوِّن الله عليه الوقوف يوم القيامة، فليره الله في ظلمة الليل ساجداً أو قائماً يحذر الآخرة، ويرجو رحمة ربه (الجامع لأحكام القرآن (15/239).

وقال ابن كثير: قال ابن عباس والحسن والسُدّي وابن زيد آناء الليل جوف الليل (تفسير القرآن العظيم (4/51).

4- وقال تعال:

كَانُواْ قَلِيلاً مّن ٱلَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِٱلأَسْحَـٰرِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:17، 18]
قال الحسن: كابدوا قيام الليل ( جامع البيان (22/408).

وقال أيضاً:"مدوا في الصلاة ونشطوا حتى كان الاستغفار بسحر (جامع البيان (22/409).

وقال القرطبي: كَانُواْ قَلِيلاً مّن ٱلَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ
أي: ينامون قليلاً من الليل ويصلون أكثره (الجامع لأحكام القرآن (17/36).

ثانيًا: الأحاديث الواردة في فضل قيام الليل:

1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: أفضل الصيام، بعد رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل (أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب فضل صوم المحرم رقم (1163).

قال النووي: فيه دليل لما اتفق العلماء عليه أن تطوع الليل أفضل من تطوع النهار (صحيح مسلم بشرح النووي (8/55).

2- وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: كان الرجل في حياة النبي صل الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله صل الله عليه وسلم، فتمنَّيت أن أرى رؤيا فأقصها على رسول الله صل الله عليه وسلم، وكنت غلاماً شاباً، وكنت أنامُ في المسجد على عهد رسول الله صل الله عليه وسلم، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني، فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر ، وإذا لها قرنان، وإذا فيها أُناسٌ قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، قال: فلقينا ملك آخر فقال لي: لم تُرَع.

فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صل الله عليه وسلم فقال: نِعْم الرجل عبد الله لو كان يُصلي من الليل، فكان بعدُ لا ينام من الليل إلا قليل (أخرجه البخاري في كتاب التهجد، باب فضل قيام الليل رقم (1121) واللفظ له، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رقم (2479).

قال ابن حجر: شاهد الترجمة قوله: نِعْم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل .
فمقتضاه أن من كان يصلي من الليل يوصف بكونه نعم الرجل (فتح الباري (3/9).

وقال أيضاً: وفي الحديث تنبيه على أن قيام الليل مما يُتقى به النار (فتح الباري (3/10).

3- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال:
يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عُقدٍ، يضرب على مكان كل عقدة: عليك ليلٌ طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدةٌ، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدةٌ، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان.( أخرجه البخاري، كتاب التهجد، باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم ُ يُصلِّ بالليل، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب ما روى فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح رقم (776).

قال ابن حجر: والذي يظهر أن في صلاة الليل سراً في طيب النفس وإن لم يستحضر المصلى شيئاً مما ذكر، وكذا عكسه، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعال: إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيل [المزمل:6] .
وقد استنبط بعضهم منه أن من فعل ذلك مرةً ثم عاد إلى النوم لا يعود إليه الشيطان بالعقد المذكور ثاني(فتح الباري (3/33).

4- وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت النبي صل الله عليه وسلم يقول:
إن في الليل لساعةً لا يوافقها رجلٌ مسلم يسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلةٍ . (أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب في الليل ساعة مستجاب فيها الدعاء رقم (757).

قال النووي:"فيه إثبات ساعة الإجابة في كل ليلة ويتضمن الحث على الدعاء في جميع ساعات الليل رجاء مصادفتها (شرح مسلم للنووي (6/36).

5- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم:
رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فصلَّت، فإن أبت نضح في وجهها من الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلَّت، وأيقضت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء.
( أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب قيام الليل، رقم (1308)، والنسائي في كتاب قيام الليل، باب الترغيب في قيام الليل رقم (1610)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء فيمن أيقظ أهله من الليل رقم (1336)، وابن خزيمة في صحيحه (2/183)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان(6/306)، والحاكم في المستدرك (1/309) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وحسَّنه العلامة الألباني في صحيح الترغيب (1/399) رقم (625).

قال الطيبي: وفيه أن من أصاب خيراً ينبغي له أن يتحرى إصابته الغير، وأن يحب له ما يحب لنفسه، فيأخذ بالأقرب فالأقرب.
فقوله صل الله عليه وسلم: (رحم الله رجلاً فعل كذ) تنبيه للأمة بمنزلة رش الماء على الوجه لاستيقاظ النائم، وذلك أنه صل الله عليه وسلم لما نال ما نال بالتهجد من الكرامة والمقام المحمود، أراد أن يحصل لأمته نصيب وافر من ذلك، فحثهم عليه على سبيل التلطف، حيث عدل من صيغة الأمر إلى صيغة الدعاء لهم (شرح الطيـبي 3/129).

6- وعن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين جميعاً، كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.
( أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الحث على قيام الليل رقم (1451)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة باب ما جاء فيمن أيقظ أهله من الليل، رقم (1339)، وابن حبـان في صحيحـه كما في الإحسان (6/307)، والحاكم في المستدرك (1/316) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، والحديث صححه العلامة الألباني في صحيح الجامع رقم (330).

قال أبو الطيب شمس الحق العظيم آبادي: وفي الحديث إشارة إلى تفسير الآية الكريمة: وَٱلذٰكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذٰكِرٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيم [الأحزاب:35]

ثالثًا: آثار عن بعض الصحابة والسلف في فضل قيام الليل:1- قال ابن عمر رضي الله عنهما حين حضرته الوفاة: ما آسى على شيء من الدنيا إلا على ظمأ الهواجر ومكابدة الليل. ( مختصر قيام الليل للمروزي (ص62)، وابن سعد في الطبقات (4/185)، وسير أعلام النبلاء (3/232).

2- وقال ابن عباس رضي الله عنهما: شرف الرجل قيامه بالليل وغناه استغناؤه عما في أيدي الناس . ( مختصر قيام الليل للمروزي (ص63).

3- وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: فضل صلاة الليل على صلاة النهار كفضل صدقة السر على صدقة العلانية. ( مختصر قيام الليل للمروزي (ص63)، والطبراني في الكبير (9/205) رقم (8998)

4- وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه: ركعة بالليل أفضل من عشر بالنهار. ( مختصر قيام الليل للمروزي (ص63).
5- وقيل للحسن: ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوهاً؟ قال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره نوراً . (مختصر قيام الليل للمروزي (ص58).

6- وقال أيضاً: ما نعلم عملاً أشد من مكابدة هذا الليل، ونفقة هذا المال . (الصلاة والتهجد للخراط (ص298).

7- وعن الأوزاعي: بلغني أنه من أطال قيام الليل خفف الله عنه يوم القيامة. (مختصر قيام الليل للمروزي (ص66).

8- وقال يزيد الرقاشي: بطول التهجد تقر عيون العابدين وبطول الظمأ تفرح قلوبهم . (قيام الليل للمروزي (ص67).

9- وقال أيضاً: قيام الليل نور للمؤمن يوم القيامة، يسعى من بين يديه ومن خلفه، وصيام العبد يُبعده من حرِّ السعير. ( الصلاة والتهجد للخراط (298).

10- وقال شريك:

من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار
(الكامل لابن عدي (2/526).